close
قصص

صمت -العقلاء -من -نوادر -العرب

قد فهمت أيها الشيخ الفاضل الوقور

أنه بدون حصانك العزيز تسوء الأمور

ولست رجلاً فظّاً متكبراً أو مغرور

ولكن ‏أخبرني قصتك دون أن تلف أو تدور؟

وهنا نزلت الدمعة من عين الرجل العجوز

فحزن القاضي وأجلسه وطلب منه أن يكمل كلامه

فقال قبل يومين وثلاثة من الليالي

ھجم على مزرعتي جند الوالي

ضړبوني وتهجموا على عيالي

وسرقوا ما وجدوه من قليل مالي

وكل ما خفّ وزنه وثمنه غالي

فأنجدني ياقاضي وأرجع ‏لي حلالي

وضع اللصوص في السچن والأغلالِ

أستمع القاضي جيداً إلى الرجل العجوز

وأدرك أنه وقع في ورطة كبيرة!

فمن ناحية يدرك جيداً أن لا سلطة له على جُند الوالي ولن يستطيع أن يفعل معهم شيئاً

وقد يُسجن هو إن تعرض لهم

ومن ناحية أخرى لم يرد أن تهتز صورته گ قاضِ ويخرج الرجل للناس ‏فيخبرهم أن القاضي لم يفعل له شيئاً!

وبعد تفكير رفع القاضي يديه إلى أعلى وقال

إلهي أنت يا رب السماء

أتوجه إليك بخالص الدعاء

أن تذيق حرس الوالي الشقاء

وأن تُنزل بهم عظيم البلاء

ثم نظر القاضي إلى الرجل فوجده مازال ينتظر بلهفة أن يكمل!

فقال القاضي

هؤلاء قوم سفلة ‏وحوش أراذل

لم يتربوا في بيوت أو منازل

وفي الذنوب والمعاصي هم الأوائل

ليس بينهم وبين الحړام أي حائل

ولا يفي سفالتهم مهما قال أي قائل

نحمدالله أنهم معدودون وقلائل

وليس من مطاردتهم أي طائل

وبينما القاضي يدعو ويشتم حرس الوالي

أدار الرجل ظهره وهمَّ بالخروج دون أن يقول شيئاً؟

‏فاستنكر القاضي هذا الأمر وقال

إلى أين تذهب أيها العجوز ؟

تخرج دون سلام ، هذا لا يجوز !

ألتفت الرجل إلى القاضي وقال

إذا كنت من تمسك زمامنا في القضاء

وما هو بشغل بل هو من الله إبتلاء

ولا تحسن سوى الشتم والرثاء

مثلك مثل بقية عجائز النساء

فسأذهب إلى جارتي الشمطاء

فهي ټلعن و ‏ټشتم صُبحاً ومساء

ولا يحسب لها مدحاً أو ثناء

وهي تفوقك مهارة يا ابن النبلاء

وما تفعله أنت ليس من شيم الشرفاء

أنصِف الناس حقهم أو اترك القضاء

فإن الظلم والجور والفسق لعڼة اللعناء

ولا يفوقها جُرماً إلا صمت العقلاء

الصفحة السابقة 1 2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى